الإسعافات الأولية، حتى تصل المساعدة


قد يكون يومًا طبيعيًا، يمارس أحدهم نشاطاته اليومية الطبيعية ولا يعبأ بما هو دون ذلك، وقد يطرأ أمامه حدث يكون هناك أحد في حاجة إلى المساعدة العاجلة، وهي المساعدة التي قد تكون فاصلة بين بقائه على قيد الحياة من عدمها. فهل يكون هناك من يستطيع أن يقدم هذه المساعدة ويكون على دراية بأساسيات الإسعافات الأولية؟

هذا ما نهدف مناقشته خلال هذا المقال، أن ننشر الوعي والمعرفة فيما يخص الإسعافات الأولية، وهي كانت طوقا للنجاة لكثيرين ولازالت وستبقى. تعتمد الإسعافات الأولية على عدة خطوات يستطيع الجميع تعلمها، تهدف إلى توفير الرعاية العاجلة لأي مصاب أو مريض في موقع حدوث الإصابة، وتستمر حتى وصول المساعدة الطبية المناسبة أو سيارة الإسعاف.

لا يتطلب الأمر أن يكون مقدم الإسعافات الأولية طبيبًا أو ممرضًا أو أن يكون له علاقة بالمجال الطبي بأي شكل من الأشكال، حيث يستطيع الجميع تعلم خطواتها وأن يكون على أتم جاهزية لتقديم المساعدة في أسرع وقت عند حدوث أي أمر طارئ.

يعد الأمر ضرورياً أن يتعلمه الجميع، قد يكون تواجدك في أحد مكان ما، في وقت ما، له تأثير أكبر مما تتخيل على الآخرين.

من المعروف أيضًا أن للإسعافات الأولية عدة أنواع تناسب العديد من الحالات، فمثلا هناك خطوات للإسعافات الأولية مناسبة لحالات الذبحة الصدرية وأخرى للحروق وغيرها لوقف النزيف والتعامل مع حالات الاختناق.

لذا دعونا نتعرف على أهم خطوات وأنواع الإسعافات الأولية.

 

الفحص العام الإسعافات الأولية

 

الفحص العام للمصاب

يتوجب على المسعف أن يبدأ أولا ببعض الخطوات الأساسية لتقييم حالة المصاب الأولية، وعلى أساسها يبدأ في اتخاذ الإجراءات اللازمة التي يحتاجها المصاب بالفعل.

تكون هذه الخطوات كالفحص العام لحالة المصاب، والتشخيص المبدئي لإصابته تتكون هذه الخطوات من التالي:

1-    فحص درجة الوعي: وهي أن يحدد المسعف أولا درجة وعي المصاب، هل هو فاقد للوعي تمامًا أم أنه يستجيب لإشارات وإرشادات المسعف بنسبة ما.

2-    قياس النبض: ويتم عادة بأن يضع المسعف إصباعين من يديه على رقبة المصاب، وأن ينظر في ساعته في نفس التوقيت لحساب الزمان. معدل النبض الطبيعي يكون عادة بين 60-100 نبضة في الدقيقة. قد يشير معدل النبض إلى وجود نزيف.

3-    قياس ضغط الدم: ويتم عن طريق الجهاز الخاص بقياس ضغط الدم إذا توفر في الموقع، ويتراوح المعدل الطبيعي لضغط الدم بين (60-90) للضغط الانبساطي، وبين (100-140) للضغط الانقباضي. يمكنك معرفة المزيد عن ضغط الدم والمعدل الطبيعي له وأمراض ضغط الدم العالي من خلال قراءة هذا المقال.

4-    قياس درجة الحرارة: ويكون عن طريق ميزان الحرارة إذا توفر، أو عن طريق الجس اليدوي لتبين انخفاض أو ارتفاع في حرارة الجسم قد يكون ملحوظ. وقد يكون انخفاض الحرارة دليلا على وجود نزيف.

5-    تفقد لون الجلد: حيث يدل لون الجلد على حالة المصاب أو مؤشر على الإصابة. فمثلا يدل احمرار الجلد على ارتفاع درجة الحرارة أو التسمم أو الحساسية أو الحروق، يدل الشحوب على فقدان الدم والنزيف أو الخوف والصدمة، يدل ازرقاق الجلد على نقص الأكسجين أو الاختناق بشكل عام، يدل اصفرار الجلد على أمراض الكبد أو الغدة الصفراء أو التسمم.

6-    فحص بؤبؤ العين: يتم فحصها معا والتحقق من مدى استجابتها للضوء ومدى اتساعها، حيث يدل اتساع بؤبؤ العين على وجود نزيف داخل الجمجمة وإذا كان التوسع في بؤبؤ واحد فقط فهذا يدل على أن الإصابة في هذه الجهة من الدماغ، كما يدل ضيق بؤبؤ العين على التسمم بواسطة المواد الكحولية أو المنومات، كما يدل عدم استجابة البؤبؤ العين على وجود إصابة في الدماغ.

7-    مراقبة حركة الصدر: وهي بمعنى أخر مراقبة التنفس للمصاب، ويكون المعدل الطبيعي للتنفس بين 12-16 حركة في الدقيقة. يدل التنفس الغير منتظم على وجود اختناق أو كسور في الضلوع.

8-    العرق: يكون تعرق المصاب دلالة على نوع إصابته حسب درجة حرارته، حيث يدل التعرق البارد على الإصابة بصدمة ما، بينما التعرق الحار يكون دلالة على التعرض لدرجة حرارة مرتفعة أو الإصابة بضربة شمس أو ارتفاع نسبة السكر في الدم.

9-    الاستدلال عن موقع الألم: حيث قد يدل عن وجود كسر، مما يستدعي عدم تحريك المصاب لتفادي تفاقم الإصابة.

10-    تفقد الحركة في أطراف الجسم: حيث قد يتم الاستدلال عن نوع الإصابة وموضعها عن طريق تبين خلل في حركة الأطراف أو العمود الفقري.

 

الانعاش القلبي الرئوي 

الإنعاش القلبي الرئوي

يعتبر الإنعاش القلبي الرئوي من الخطوات الأساسية لإنقاذ الحياة في حالات الذبحة الصدرية والنوبات القلبية والحالات التي يتوقف فيها تنفس ونبض المصاب لأي سبب كان. يبدأ المسعف في تطبيق الفحص العام السابق لتطبيق خطوات الإسعافات الأولية.

تبدأ الإسعافات الأولية للذبحة الصدرية أو الإنعاش القلبي الرئوي، بضغطات قوية وسريعة على منطقة الصدر، ويمكن تطبيقها من خلال وضع الكفين فوق بعضهما وإرساء الكف الأسفل على منطقة الصدر، ثم الضغط باستخدام الجسم كله والحرص على عدم انحناء مفصل الكوع؛ وذلك لتوليد العزم الكافي لإنعاش المصاب مع الحرص على عدم إيذاء الضلوع في منطقة الصدر.

إذا كان المسعف غير مدرب أو غير متمكن من أداء الإسعافات الأولية للذبحة الصدرية، فيكتفي بالإنعاش القلبي الرئوي باستخدام اليدين فقط. أما إذا كان المسعف متمرس، يمكنه البدء في إعطاء أنفاس الإنقاذ عن طريق الفم. وتكون بمعدل 30 ضغطة قبل كل نفس إنقاذ. أما إذا تم الاعتماد على الضغطات الصدرية فقط يكون المعدل من 100 إلى 120 ضغطة في الدقيقة.

لذا دعونا نعرض خطوات الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والتنفس، وهي المطلوبة في حالات الذبحات الصدرية والنوبات القلبية وحالات فقدان الوعي بشكل عام:

1-    على المسعف أن يحرص على استلقاء المصاب على الظهر فوق سطح ثابت ومستوى.

2-    يجلس المسعف على ركبتيه بجانب المصاب بالقرب من منطقة الرقبة.

3-    وضع اليد في منتصف منطقة الصدر، ووضع اليد الأخرى فوقها.

4-    استخدام وزن الجسم للضغط كما ذكرنا من قبل.

5-    يجب الحرص على السماح للصدر بالارتداد.

6-    يكون المعدل في بداية الأمر من 100-120 ضغطة في الدقيقة.

7-    في حالة الشروع في إعطاء التنفس الصناعي، يتم التأكد من فتح مجرى الهواء عن طريق إمالة الرأس للخلف ورفع الذقن. يقوم المسعف بوضع إحدى يديه على الجبهة ويميل الرأس للخلف، ثم باليد الأخرى يرفع الذقن.

8-    يتم إعطاء أنفاس الإنقاذ عن طريق وضع الفم على الفم، وإعطاء النفس الأول لمدة ثانية واحدة.

9-    ملاحظة هل يرتفع الصدر مع النفس أم لا، في حالة الارتفاع يتم إعطاء النفس الثاني، أما إذا لم يستجيب الصدر يتم إعادة خطوات فتح مجرى الهواء مرة أخرى والمحاولة من جديد.

10-  يجب الاستمرار في ذلك حتى ظهور استجابة من المصاب أو حتى وصول المساعدة.

أثبتت هذه الطريقة من الإسعافات الأولية كفاءة كبيرة فيما يخص إنقاذ مصابين الذبحة الصدرية وفقدان الوعي وغيرها.

 

إسعاف الاختناق

الإسعافات الأولية في حالة الاختناق

يتم تمييز مصاب الاختناق عن طريق عدة أعراض، مثل التنفس بصعوبة وسريع وصدور صوت شخير مصاحب للتنفس وازرقاق الجلد في منطقة الشفاه والأظافر.

يتم التعامل مع مصاب الاختناق باستخدام الخطوات التالية:

–        إبعاد المصاب عن مكان الحادث.

–        التأكد من فتح مجرى الهواء وعدم وجود أي عائق به.

–        البدء في عملية التنفس الصناعي مثل ما تم شرحه في إسعافات الذبحة الصدرية.

أما إذا كان الاختناق بسبب وجود جسم يعيق مجرى الهواء، يتم اتباع الخطوات التالية:

–        الوقوف خلف المصاب.

–        وضع اليدين من حول المصاب وإغلاقهما في منطقة أسفل القفص الصدري.

–        يتم رفع اليدين بحركة مفاجئة إلى الأعلى والداخل في نفس التوقيت.

–        القيام بـ 4- 6 ضربات حتى يتم إخراج الجسم المسبب للمشكلة.

 

الإسعافات الأولية للحروق

في حالة الإصابة بالحروق يجب أولًا التعرف على درجة الحرق ومدى عمقه، حيث تكون الحروق البسيطة لها علامات واضحة مثل:

–        احمرار الجلد سطحيًا

–        الألم في المنطقة المصابة

–        لا يزيد قطرها عن 8 سنتيمترات

–        ظهور البثور في المنطقة المصابة

عادة لا تكون هناك حاجة للإسعافات العاجلة للحروق من هذا النوع.

أما فيما يخص الإسعافات الأولية للحروق، فتكون لازمة في حالة الجروح العميقة والأكثر خطورة، والتي تكون أعراضها كالتالي:

–        أن يكون الحرق عميق

–        يسبب جفاف الجلد

–        تظهر في هذه الحروق بقع بيضاء أو بنية أو سوداء أو أن تكون متفحمة

–        أن يزيد قطر الحرق عن 8 سنتيمترات

 

في هذه الحالات يجب اتباع الإسعافات العاجلة للحروق كما يلي:

1-    إبعاد المصاب عن مصدر الحريق، وإذا كان ذلك بسبب حرق كهربائي يجب التأكد من إغلاق مصدر الكهرباء تماما قبل التوجه للمصاب وتقديم المساعدة.

2-    التأكد من أن المصاب يتنفس، وإعطاء الإسعافات الأولية الخاصة بالذبحة الصدرية إذا تتطلب الأمر.

3-    من الأمور الأساسية عند تقديم الإسعافات للحروق التأكد من نزع جميع المجوهرات والكماليات والأحزمة، وخاصة تلك المقيدة لمنطقة الحرق.

4-    استخدام قطعة قماش نظيفة وباردة لتغطية منطقة الحرق، وهو الأمر الأساسي أثناء توفير المساعدة اللازمة للحروق.

5-    لا يتم استخدام الماء مع الحروق الكبيرة والعميقة، قد يسبب ذلك مضاعفات أخطر على حياة المصاب.

6-    إذا كان متاحًا يمكن لمقدم إسعافات الحروق رفع منطقة الحرق قليلا لتكون فوق مستوى القلب.

7-    يجب متابعة المصاب أثناء توفير إسعافات الحروق وملاحظة أي علامة من أعراض الصدمة، مثل شحوب البشرة والتنفس البطيء، وفي حالة فقدان الوعي يتم البدء في تقديم إسعافات الذبحة الصدرية كما تم شرحها من قبل.

 

إسعاف النزيف الحاد

الإسعافات الأولية للنزيف الحاد

في حالة وجود نزيف حاد للمصاب، هناك خطوات جديدة يجب اتباعها، مع التأكد أيضًا من انتظام التنفس والنبض والبدء في إسعافات الذبحة الصدرية إذا تتطلب الأمر ذلك.

أما فيما يخص الجرح والنزيف نفسه، يتم اتباع الآتي:

1-    نزع الملابس حول منطقة النزيف، عدم تفقد الجرح أو محاولة نزع الآلة المسببة له إذا كانت لازالت في الجرح. تقتصر مهمة المسعف على إيقاف النزيف إلى أن تصل المساعدة.

2-    استخدام قفاز اليد إن أمكن، أو تعقيم اليد.

3-    استخدام ضمادة معقمة أو قطعة قماش نظيفة على الجرح.

4-    الضغط على الجرح باستخدام كف اليد، وإبقاء الضغط مستمرا إلى أن يتوقف النزيف.

5-    رفع الطرف المصاب فوق مستوى القلب إن أمكن.

6-    مساعدة المصاب على الاستلقاء، والعمل على طمأنته لمنع دخوله في حالة الصدمة أو الإصابة بالهلع.

7-    لا يتم إزالة الضمادة أو الشاش حتى وإن تسرب الدم من خلالها. يتم وضع ضمادة جديدة فوقها والاستمرار بالضغط على على الجرح.

8-    التقليل من حركة الطرف أو العضو المصاب قدر الإمكان حتى وصول المساعدة.

 

يتبين لنا مدى أهمية الإسعافات الاولية، وكيف يمكنها أن تنقذ حياة إنسان من حالات عديدة، مثل الذبحة الصدرية والنوبات القلبية والحروق والنزيف وحالات الإغماء وفقدان الوعي وغيرها من الحالات التي قد تكون مؤثرة ومهددة للحياة. وهو ما يدعو الجميع إلى التعرف على الإسعافات الأولية والتدرب عليها.

ارسل رسالة
اطلب الرعاية الصحية المنزلية الآن