منذ انتشار وباء فيروس كورونا حول العالم، حدثت تغييرات جذرية لطبيعة الحياة.
اختلفت معايير الحياة و كل ما يتعلق بأسلوب المعيشة و العمل و الترفيه، حيث أجبر الإنسان على البقاء في المنزل لضمان سلامته الشخصية والسلامة العامة.
و قد تضررت الكثير من المصالح و الأشغال، و عانى الكثير من المواطنين من أضرار اقتصادية ومادية بجانب الخطر الصحي، وهو ما أدى بالإنسان إلى البحث عن أي مصدر أمل قد ينهي هذه الأزمة المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام.
و قد اضطر الكثير إلى اللجوء إلى خدمات التمريض المنزلي لتجنب الاختلاط و العدوى في المستشفيات، وهو ما أثبت كفاءة مرتفعة في توفير رعاية صحية مناسبة في المنزل.
منذ إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا كوباء عالمي عام 2019، بدأ الباحثين و العلماء عملا شاقا من أجل الوصول إلى لقاح أو علاج فعال ينتشلنا من هذا الخطر.
ليس من المعتاد أن يتم إنتاج لقاح أو دواء في مدة قصيرة، حيث دائما ما تستمر التجارب المعملية والسريرية لفترات طويلة قد تصل إلى عشر سنوات. و هو الأمر الذي قد يصور مدى صعوبة التحدي الذي يواجه العلماء لإنقاذ العالم.
ومع ذلك، ظهرت بارقة أمل تلوح في الأفق قد تكون طوق نجاة للعالم، حيث اعتمدت منظمة الصحة العالمية (WHO) عدة لقاحات لفيروس كورونا، وهو ما بث إحساس بالأمل الحذر.
لذا خصصنا هذا المقال لنستعرض تفاصيل ما توصل له العالم من لقاحات لمواجهة فيروس كورونا، لمحاولة فهم كيفية عمل اللقاح و معرفة الآثار الجانبية الناتجة عنه.
ما وصل إليه فيروس كورونا
بعد أكثر من عام و نصف، انتشر فيروس كورونا بشكل موسع حول العالم على عدة موجات. حيث قد تجاوز عدد الحالات حاجز 100 مليون حالة.
لمعرفة تفاصيل تطورات انتشار فيروس كورونا، سنعرض بعض الأرقام التي قد توضح الأمر.
حتى منتصف يونيو 2021 وصلت الأعداد إلى:
177,064,262 حالة إصابة مسجلة بالفيروس كورونا.
3,828,583 حالة وفاة بسبب الإصابة.
هل تخيلت مدى انتشار الوباء و خطره؟
و ما يزيد الأمر خطورة هو ظهور طفرات للفيروس أكثر عدوى و أكثر خطورة، مثل ما ظهر في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا والبرازيل و كان آخرهم ما ظهر في الهند.
و إذا أردت أن تعرف تفاصيل أكثر عن فيروس كورونا يمكنك قراءة هذا المقال.
ولمعرفة أكثر عن العزل المنزلي يمكنك قراءة هذا المقال
كيف يعمل اللقاح فيروس كورونا؟
كانت بداية صناعة اللقاحات مرحلة فارقة في تاريخ الطب البشري، حيث أول من نجح في إنتاج لقاح كان الطبيب البريطاني إدوارد جينر عام 1796م.
و كانت الفكرة كلها تتمحور حول حقن الجسم بما يحفز الجهاز المناعي بإنتاج أجسام مضادة يمكنها التغلب على فيروس كورونا محدد.
و يكون اللقاح قد نجح في مهمته عندما يستطيع الجسم إنتاج الخلايا تي أو ما يعرف بالـ T-cells. هذه الخلايا مسئولة عن تكوين ذاكرة طويلة الأمد عن هذا الفيروس، حتى إذا ما تعرض الإنسان لنفس هذه العدوى في المستقبل يستطيع الجهاز المناعي التغلب عليها بسهولة دون الإصابة.
من المعروف أن المناعة المكتسبة بسبب اللقاح قد تحتاج لبعض الوقت لتكون في أتم جاهزية، لذا قد يكون الإنسان معرض للإصابة بالعدوى لفترة قد تصل لعدة أسابيع بعد تلقي اللقاح.
من المعتاد أن يكون اللقاح مكون من الفيروس نفسه الذي يهدف اللقاح تكوين مناعة ضده، و لكن بعد إضعافه أو قتل، ليصبح الفيروس في حالة لا تسمح له بالتسبيب في الإصابة و لكنه مازال قادر على تحفيز صناعة الأجسام المضادة داخل الجسم.
و قد تنوعت طرق صناعة اللقاحات، و هو ما تم استخدامه في صناعة لقاح كورونا؛ وهو ما سنعرفه فيما بعد.
أنواع لقاحات فيروس كورونا
خلال التسابق المستمر للوصول للقاح فعال، تم استخدام طرق عدة.
و هو ما أدى إلى ظهور لقاحات مختلفة الأن، تختلف عن بعضها البعض فيما يخص الطريقة المستخدمة للوصول إلى الأجسام المضادة.
و من ضمن هذه الطرق المستخدمة يمكننا أن نذكر:
لقاح الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA):
يعمل هذا اللقاح كمرسال، يوصل الحمض النووي الريبي الخاص بالفيروس لخلايا الجسم.
مما يسمح لهم بالتعرف عليه و استنساخه، و هو ما يؤدي إلى تفاعل الجسم و الجهاز المناعي معه و إنتاج الخلايا تي و الخلايا بي المصاحبة لها – المسئولة عن إنتاج أجسام مضادة و التي تنتمي إلى كرات الدم البيضاء- وهو ما يؤدي إلى تكوين ذاكرة ضد فيروس كورونا في المستقبل.
لقاح الناقل الفيروسي (viral vector):
إذا أردنا شرح طريقة عمل هذا اللقاح بشكل مبسط، يمكننا تذكر قصة حصان طروادة، الذي كان يحتوي على الجنود اليونانيين، ينتظرون الدخول من بوابة المدينة للهجوم عليها.
الأمر مشابه لهذه الخدعة بشكل كبير.
حيث يستخدم هذا اللقاح القشرة الخارجية لفيروس آخر، يحتوي بداخله على المادة البروتينية الخاصة بالفيروس المستهدف.
فور دخوله الجسم، تبدأ هذه المادة باختراق خلايا الجسم مما يسمح لها بالتعرف عليها و استنساخها.
و على عكس ما حدث في مدينة طروادة، لا يسبب ذلك أي ضررا للجسم بل يكون سبب في تكوين الخلايا تي و الخلايا بي.
لقاح الوحدات الجزئية (subunit):
يعمل هذا اللقاح عن طريق حقن الإنسان بأجزاء صغيرة جدا من الفيروس نفسه، حيث تكون غير كافية لتسبيب العدوى و لكنها كافية لتسبب رد فعل مناعي.
حيث يتفاعل الجهاز المناعي مع هذه الأجزاء و ينتج الخلايا تي و الخلايا بي.
اللقاح المقتول أو المعطل (inactivated virus):
و هي الطريقة التقليدية و المعتادة لإنتاج أي لقاح، و التي تم استخدامها أيضا من أجل الوصول إلى لقاح خاص بفيروس كورونا.
حيث يتم حقن الفيروس نفسه داخل الجسم بعد عملية إضعافه أو قتله، حيث يكون غير مسبب لأي ضرر أو عدوى مع ذلك يتفاعل الجهاز المناعي معه على أنه خطر و يبدأ في إنتاج الأجسام المضادة و الخلايا تي و الخلايا بي.
ما هي اللقاحات المصرح بها من قبل منظمة الصحة العالمية؟
قد تم بالفعل إنتاج لقاحات مختلفة لفيروس كورونا و وافقت منظمة الصحة العالمية على تداولها بشكل طارئ للحد من انتشار العدوى.
و قد تم استخدام الطرق السابق ذكرها في صناعة هذه اللقاحات.
و من أهمها:
– لقاح فايزر و لقاح موديرنا، و هما لقاحين ينتميان لطريقة الحمض النووي الريبي.
– لقاح أسترازينيكا من جامعة أكسفورد و لقاح شركة جونسون، وهما يعتمدان على طريقة الناقل الفيروسي.
– لقاح EpiVacCorona، والذي تم إنتاجه بطريقة الوحدات الجزئية
– لقاح كورونا فاك، الذي تم إنتاجه بطريقة اللقاح المعطل.
و لازال هناك العديد من اللقاحات الأخرى التي لازالت في مرحلة الاختبارات السريرية؛ و من المنتظر أن يتم الموافقة على استخدامهم في أقرب وقت.
ما هي الأعراض الجانبية للقاحات كورونا؟
بينما كثرت التشكيكات في اللقاحات المنتجة حتى الأن بسبب قصر مدة الاختبار و التجربة، لم يثبت أن لهذه اللقاحات أضرار جسيمة قد تهدد حياة أي شخص يحصل عليه.
مع العلم أنه من المتوقع ظهور أعراض جانبية بسيطة بعد الحصول على الجرعة الخاصة بلقاح كورونا؛ و التي تتمثل في ارتفاع درجة الحرارة والشعور بتكسير في الجسم و الشعور بألم في موضع الحقن.
و تختلف هذه الأعراض من شخص لآخر على حسب السن والحالة الصحية وما إذا كان الشخص مصاب بأمراض مزمنة. (ضغط الدم المرتفع، ضغط الدم المنخفض،مرض السكري،…)
المعادلة الأسهل
هناك مخاوف عديدة متعلقة بلقاحات كورونا حول العالم، و هو الأمر الغير منطقي و غير مفهوم بالمرة.
هناك اتهامات عديدة توجه للقاح أسترازينيكا بأنه يسبب جلطات، و لكن في حقيقة الأمر نسبة حدوث هذا الأمر قليلة جدا تكاد لا تذكر، و لم يتم ربط هذه الحالات بشكل مباشر باللقاح نفسه.
بينما قد يسبب فيروس كورونا نفسه جلطات دموية بنسبة ليست بقليلة.
فما هو الأكثر أمانا؟!
بالإضافة إلى ما قد يسببه الفيروس من مضاعفات قد تهدد حياة المريض بشكل كبير، مثل ما حدث في الهند بسبب انتشار الفطر الأسود بسبب ضعف المناعة. لمعرفة المزيد عن الفطر الأسود يمكنك قراءة هذا المقال.
في ظل هذه الظروف، أصبح للتمريض المنزلي مكانة مهمة في مجال الرعاية الصحية لتفادي الاختلاط و الإصابة بأي عدوى قد تكون منتشرة في المستشفيات.
لايزال فيروس كورونا خطرا يهدد الإنسان بشكل عام في جميع أنحاء العالم، وهو ما يؤثر على عودة حياتنا لطبيعتها مرة أخرى.
لذلك تعتبر لقاحات كورونا هي السبيل الوحيد للوصول لمناعة القطيع و الحد من انتشار الفيروس.