متلازمة توريت، ما يفاجئ المريض نفسه

هناك حالة قد تصيب بعض الأطفال في سن مبكرة، تسبب العديد من المشكلات التي تؤثر على ردود أفعالهم بصفة عامة. تكون بسبب خلل ما في الجهاز العصبي. تسمى متلازمة توريت (Tourette’s Syndrome) والتي سميت تيمنا بالطبيب الفرنسي جورج ألبرت لاتوريت، أول من كشف عن مثل هذه الحالات.

ما هي متلازمة توريت؟

تعتبر نوع من أنواع الاضطراب العصبي لأسباب وراثية، تبدأ في الظهور بداية من سن العامين حتى سن الـ 15. وتكون عبارة عن تشنجات وتصرفات لاإرادية، تشمل صدور بعض الأصوات أو الكلمات غير المرغوب فيها أو حركات عصبية تستمر بشكل متكرر مثل الرمش بالعين بشكل غير طبيعي أو رفع الكتف باستمرار وغيرها.

وقد تشمل أيضًا أن يصدر المصاب بعض الكلمات المسيئة، دون أن يكون له يد في ذلك أو رغبة في أن يسئ إلى أحد.

قد يصدر المصاب أصوات غير مفهومة تسمى بالعرات، وتكون بشكل متكرر وتقطع حديثه بشكل لاإرادي.

من المعروف أن تبدأ الأعراض في الظهور في مرحلة الطفولة، في متوسط عمر الـ 6 سنوات. عادة تبدأ العرات الحركية في الظهور أولًا، وهي الحركات اللا إرادية (Motor Tics)، ثم يعقبها العرات الصوتية (Vocal Tics) في سن متأخر نسبيًا، ولكنها قد تظهر في بعض الحالات مبكرًا في السن الثانية تحديدًا.

تأخذ العرات، سواء الصوتية أو الحركية، منحنى تصاعدي إلى أن تصل إلى ذروتها في سن الـ12، ثم تأخذ منحنى انخفاضي حاد إلى أن تقل حدتها وتكاد تكون غير ظاهرة مع سن البلوغ. ولكن قد تستمر العرات والأعراض فيما بعد ذلك وتكون حالة دائمة مع الحالة طوال حياته.

يتباين تأثير هذه الأعراض والعرات من شخص لأخر، حيث قد يصاب أحدهم أعراض غير حادة وتكون العرات على فترات متباعدة، بينما يعاني مصاب آخر من أعراض أكثر حدة. وقد تؤثر هذه الأعراض على قدرة الطفل على التعلم أو التواصل مع من حوله وتكوين صداقات جديدة. لذا من الضروري أن نشير إلى التالي:

–        متلازمة لا تشير إلى قلة الذكاء بأي شكل من الأشكال.

–        حدة العرات لا تعكس قدرات الطفل في تلقي المعلومات والتحصيل العلمي.

–        حدة الأعراض لا تشير إلى قدرة المصاب على التأقلم في المجتمع المحيط به.

حتى نستطيع الإجابة على سؤال ما هي المتلازمة بشكل وافي، سنعرض فيما يلي تفصيلا جميع جوانب المتلازمة من أعراض وأسباب وطرق علاج.

 

اعراض متلازمة توريت

أعراض متلازمة توريت 

كما ذكرنا تكون الأعراض الأكثر تأثيرًا هي العرات والحركات المفاجئة اللا إرادية للمريض، كما قد تصاحبها العديد من العلامات الأخرى.

تتكون أعراض المتلازمة من التالي:

–        عرات جسدية (Physical Tics): وهي حركات جسدية تصدر من المصاب دون إدراك منه لذلك، وقد تشمل حركات غير منتظمة ومتكررة في العينين، الرأس، الفم، الكتف، وغيرها.

–        عرات صوتية (Phonic Tics): خلالها يصدر المصاب أصوات متنوعة غير مفهومة أو ينطق بكلمات معينة بشكل لا إرادي، وقد يصدر منه العديد من الكلمات التي قد تكون مسيئة بشكل أو بأخر.

–        العرات البسيطة (Simple Tics): وهي العرات التي تكون بسبب تشنجات في عضلة واحدة أو عدد محدود من عضلات الجسم. وهي تنقسم إلى عرات حركية وصوتية كذلك، فتكون العرات الحركية البسيطة متمثلة في طرف العين، انتفاض الرأس، هز الكتف، سرعة حركة العين، نفضان الأنف، حركة الفم. كما تشمل العرات الصوتية البسيطة الأعراض التالية: الشخير، السعال، النحنحة، النباح.

–        العرات المعقدة (Complex Tics): وهي نتيجة لتشنجات في مجموعة من العضلات، ينتج عنها مجموعة حركات أو نفضات صوتية مطولة. وتشمل العرات الحركية المعقدة الآتي: لمس الأشياء أو شمها، حركة متكررة، المشي بنمط معين، إشارات بذيئة، الانحناء أو الالتفاف، القفز. بينما تكون العرات الصوتية المعقدة كالتالي: تكرار كلمات وعبارات خلف قائلها، استخدام كلمات بذيئة ومسيئة.

هذا ما يخص الأعراض المتمثلة في أنواع مختلفة من العرات قد تتداخل في آن واحد، وتتميز هذه الأعراض بأنها:

–        تصيب نفس الشخص بأنواع مختلفة.

–        تختلف في حدتها.

–        متكررة.

–        تتفاقم مع المرض أو التوتر أو القلق أو الحماس المفرط أو الإرهاق.

–        يمكن أن تحدث أثناء النوم.

–        تتغير بمرور الوقت.

–        تكون في أقصى حدة لها خلال السنوات الأولى من سن المراهقة.

–        تبدأ في التراجع عند الوصول لسن البلوغ.

–        يسبق ظهور العرات شعور جسدي غير مريح ينذر بقدومها، مثل الحكة أو الارتعاش أو التوتر الغير مبرر.

–        يستطيع المصاب السيطرة على هذه الأعراض وكبحها ولكن قد يستلزم ذلك بذل مجهودا كبيرًا.

 

تشخيص متلازمة توريت

في حقيقة الأمر، لا توجد اختبارات أو فحوصات معينة لتشخيص إصابة أحدهم بالمتلازمة، ولكن يعتمد التشخيص بشكل كبير على متابعة الأعراض والتأكد من عدم إصابة المريض من أي أمراض أخرى قد تسبب مثل هذه الأعراض.

يتبع الطبيب الخطوات التالية من أجل تشخيص الإصابة بمتلازمة توريت:

–        يبدأ الطبيب في توجيه أسئلة للمريض عن شكل الأعراض وحدتها.

–        قد يطلب الطبيب من عائلة المريض تصوير الأعراض أثناء ظهورها، وذلك لأن الطفل قد يستطيع إخفاء الأعراض أثناء الكشف أمام الطبيب.

–        إجراء فحوصات واختبارات عديدة للتأكد من عدم إصابة المريض بأمراض أخرى قد يكون لها نفس التأثير.

–        لتأكيد التشخيص بمتلازمة توريت يجب إثبات الآتي: بدء ظهور الأعراض المتمثلة في العرات لمدة تتجاوز السنة بشكل شبه يومي، على ألا تزيد فترة انقطاع العرات عن ثلاث شهور متواصلة. كما يجب أن تبدأ الأعراض في الظهور قبل بلوغ سن الـ 18.

 

اسباب متلازمة توريت

أسباب متلازمة توريت 

في غالب الظن، يصاب الطفل بالمتلازمة لأسباب وراثية، تكون راجعة لتواجد جين محدد أو عدد من الجينات. ولكن حتى الأن لم يتوصل العلم إلى تحديد هذه الجينات بشكل قاطع، لذلك قد لا نكون على دراية بأسباب متلازمة توريت بشكل كبير، بل لدينا العديد من النظريات والتخمينات.

لكن على أقل تقدير، استطاع العلم التوصل لبعض عوامل الخطر، التي قد تكون مؤشرا على ارتفاع خطر الإصابة بمتلازمة توريت؛ ومن ضمن هذه العوامل يمكننا أن نذكر الآتي:

–        إذا عانت الأم أثناء فترة الحمل من الغثيان والقئ المستمر بشكل حاد، وخاصة في الثلاث شهور الأولى من الحمل يكون الجنين معرض بشكل أكبر للإصابة بهذه المتلازمة.

–        إذا تعرضت الأم إلى لضغوطات نفسية أو التوتر أثناء الحمل.

–        إذا كانت الأم تتناول المشروبات الكحولية أو القهوة بشكل مفرط أو تدخن أثناء الحمل.

–        إذا حدث لأي سبب نقص حاد في الأكسجين أو الدم أثناء عملية الولادة.

–        إذا ولد الطفل بوزن منخفض جدًا، أو إذا ولد أحد توأمين بوزن أقل من الأخر.

–        إذا ولد الطفل بعلامات تتضرر دماغي.

–        وجود ورم على جزء من دماغ المولود.

–        وجود اضطرابات نفسية وعصبية لها علاقة بالمناعة الذاتية للطفل، تؤثر هذه الاضطرابات في ظهور العرات.

من هم الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة توريت؟    

تشير الإحصائيات إلى أن الرجال هم الأكثر إصابة، بنسبة تصل إلى ثلاث أو أربع أضعاف معدل الإصابات لدى النساء. كما تشير أيضًا إلى ارتفاع خطر الإصابة بمتلازمة توريت إذا كان هناك تاريخ للإصابة في العائلة.

 

علاج متلازمة توريت

علاج متلازمة توريت

لم يتوصل الطب والعلم حتى الآن إلى علاج مباشر للمتلازمة، وقد يكون ذلك عائد لعدم تعرفنا على الأسباب الحقيقية التي قد تسبب هذه المتلازمة في الأساس.

ولكن على الجانب الأخر، تمكن الأطباء من التوصل إلى طرق علاج متلازمة توريت. قد لا يكون الأمر علاجًا لمتلازمة توريت نهائيا، ولكنه يستطيع المساعدة في انحسار الأعراض بشكل كبير والسيطرة عليها.

ينقسم علاج متلازمة توريت إلى شقين، علاج متلازمة توريت السلوكي وعلاج متلازمة توريت الدوائي، كما سنعرض تفصيلا فيما يلي:

–        علاج متلازمة توريت السلوكي:

هناك العديد من التمرينات التي يتعلمها المصاب كي يتمكن السيطرة على الأعراض، وقد يصل لمرحلة التخلص من الأعراض بشكل شبه دائم.

يحصل المريض على هذا النوع من علاج متلازمة توريت من قبل أطباء متخصصين في ذلك. ويتكون علاج متلازمة توريت السلوكي من العديد من العلاجات السلوكية، مثل التدريب على عكس العادات و ما يسمى بالعلاج بالتعرض والمنع.

–        علاج متلازمة توريت الدوائي:

يتمحور علاج متلازمة توريت الدوائي حول الأدوية الباسطة للعضلات و خافضات ضغط الدم.

كما قد يكون هناك تدخل جراحي يساهم في علاج متلازمة توريت، مثل جراحة التنبيه الدماغي العميق (Deep Brain Stimulation).

 

مضاعفات متلازمة توريت

تؤثر المتلازمة على المصاب على مستوى الصحة والمستوى الاجتماعي والنمو، وذلك في حالة عدم توفير الرعاية اللازمة للمصاب ومساعدته على السيطرة على الأعراض.

تكون مضاعفات المتلازمة كالآتي:

–        اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)

–        اضطراب الوسواس القهري (OCD)

–        اضطراب الاسترسال العقلي

–        مواجهة صعوبات في التعلم والإدراك المعرفي بشكل عام.

–        مواجهة مشكلات في النوم.

–        يزيد خطر الإصابة بالاكتئاب.

–        المعاناة من اضطرابات العقل المختلفة.

–        قد تسبب العرات فيما بعد ألما، خصوصا المعاناة من الصداع.

–        مواجهة مشكلات فيما يخص إدارة الغضب.

ارسل رسالة
اطلب الرعاية الصحية المنزلية الآن