اقتربنا من مرور عامين منذ انتشار فيروس كورونا في جميع أرجاء العالم؛ وبينما يتمنى الكثير أن تنتهي هذه الأزمة بكل تفاصيلها، جاء الفيروس بما لا يتماشى مع هذه التمنيات.
في علم الفيروسات والكائنات الدقيقة، دائمًا ما يشار إلى حتمية تطور الفيروس مع مرور الوقت، في أغلب الظن سبب إصابة الإنسان بفيروس كورونا من الأساس كانت بسبب حدوث طفرة جينية للفيروس سمحت بشكل أو بأخر بحدوث إصابات بين البشر. علمًا أن هذا النوع من الفيروسات كان متواجدًا من قبل ومتعايش في عدد من الحيوانات دون أن يسبب أي إصابة للإنسان.
ولم ينتهي الفيروس من عمله التطويري بعد، فقد استمر في تطوير نفسه يومًا بعد يوم وإصابة بعد الآخرى؛ ليشكل بذلك سلسلة من المتحورات الجديدة،وفي تلك المقال سوف نتعرف سويًا على أعراض كورونا دلتا التي قد تأثيرًا على صحة الإنسان.
حتى هذه اللحظة لا يبدو أن نهاية هذه الجائحة تلوح في الأفق، وإن كان هناك بوادر من الأمل متمثلة بشكل كبير في اللقاحات المختلفة المتوفرة حاليًا لفيروس كورونا. ربما يظن البعض أن تلقي هذا اللقاح -إن أتيح لذلك سبيلا- أمرًا شخصي لا يعني أحد سوى من سيقرر تلقي اللقاح أو رفضه. في حقيقة الأمر، قد يكون اللقاح هو طوق النجاة الوحيد لنا لمنع ظهور تحورات جديدة من هذا الفيروس.
حيث يعتقد أن تحورات فيروس كورونا ما هي إلا نتيجة استمرار الإصابات، وطول مدة الإصابة بالمرض وعدم تلقي علاج فعال، قد يؤدي إلى ظهور متحور جديد له صفات جينية جديدة، قد تكون أضعف من ذي قبل أو قد تكون أقوى وأكثر فتكًا.
لذلك فإن حصول عددًا كبير من الناس على اللقاح قد يقلل من فرص ظهور متحورات جديدة، قد لا نعلم مدى تأثيرها.
من هذا المنطلق، دعونا نتعرف على متحورات فيروس كورونا الأكثر انتشارًا، و التي يأتي في مقدمتها المتحور دلتا.
ما هي المتحورات لفيروس كورونا دلتا
ظهرت العديد من المتحورات بلدان مختلفة حول العالم، وسمي العديد منها على اسم البلدان التي ثبتت فيها الإصابة لأول مرة.
مثل المتحور البريطاني والمتحور البرازيلي والمتحور الجنوب أفريقي، وكان آخرهم وأكثرهم تأثيرًا المتحور الهندي، المعروف أيضا بمتحور فيروس كورونا دلتا.
– متحور ألفا: رصد لأول مرة بريطانيا واستمر في الانتشار حول 50 دولة أخرى.
– المتحور بيتا: ظهر لأول مرة في دولة جنوب إفريقيا ورصد أيضا في 20 دولة أخرى.
– المتحور غاما: كانت البرازيل هي أول من سجلت إصابة بهذا المتحور واستمر في الانتشار بعدها وتم رصده في 10 دول أخرى حول العالم.
– المتحور دلتا: والذي رصد لأول مرة في الهند، سبب الكثير من اللغط حوله بسبب كثرة الإصابات التي سببت انهيار النظام الصحي هناك.
أشارت العديد من الإحصائيات والدراسات إلى أن المتحور دلتا هو المسؤول الأساسي للإصابات بفيروس كورونا الأن حول العالم. حيث أعلنت المملكة المتحدة أن المتحور دلتا هو المسبب لأكثر من 90% من عدد الإصابات في البلاد، كما أشارت أيضًا بعض الدراسات إلى مسؤوليته عن حوالي 80% من الإصابات في الولايات المتحدة الأمريكية.
تدل هذه الدراسات على أن هذا المتحور له القدرة على الانتشار والتسبب في حالات أكثر من ذي قبل.
ما هي الاختلافات التي سببت ظهور هذه المتحورات؟
حدثت العديد من التحورات لفيروس كورونا على مر تاريخ ظهوره، وما يسبب القلق هي المتحورات التي حدث لها تطور فيما يخص البروتين الشوكي. هذه الأشواك أو النتوءات هي المسؤول الأول عن تعلق الفيروس بخلايا الجسم وحدوث العدوى.
من المعروف عن المتحور دلتا أنه به عنصر يساعد على انتشاره بشكل أسرع وأكبر من غيره، يسمى هذا العنصر علميًا بـ L452R. بينما يسبب العنصر N501Y سهولة تعلق الفيروس بالخلايا والانتشار في الجسم، وهو ما يجمع بين المتحور ألفا وبيتا وغاما.
كما يحتوي المتحور بيتا بالمناصفة مع المتحور غاما على العنصر E484K الذي يساعد الفيروس على تجنب بعض دفاعات الجسم المناعية والتغلب عليها.
أدت هذه الاختلافات إلى انتشار فيروس كورونا بشكل أكثر توسعا، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن المصاب بالمتحور دلتا قد ينقل العدوى إلى 3.5 أو 4 أشخاص أخرين على الأقل. وهو أكثر من المتحور ألفا بنسبة 50%، والذي بدوره كان أكثر عدوى بنسبة 50% عن السلالة الرئيسية لفيروس كورونا. ما يعني أن فيروس كورونا الأن أصبح معدل انتشاره ضعف المعدل الأساسي وقت اندلاع الجائحة.
أعراض المتحور دلتا
في حقيقة الأمر لا توجد أعراض مختلفة للمتحور دلتا، فهي تمامًا كما بدأت جائحة فيروس كورونا.
فهي الأعراض المتعارف عليها أيضًا في نزلات البرد والأنفلونزا، مما يجعل الأمر يبدو طبيعيًا و قد لا يلجأ المصاب إلى العزل المنزلي اعتقادا منه بأنه ليس بالأمر المهم، بينما يستمر في نشر العدوى.
تأتي أعراض فيروس كورونا المتعارف عليها كما يلي:
– السعال
– إلتهاب الحلق
– ارتفاع درجة الحرارة
– مشكلات في التنفس
– القئ
– فقدان حاسة الشم
– فقدان حاسة التذوق
– الصداع
– آلام العضلات
– الإسهال
إذا أردت أن تعرف أكثر عن فيروس كورونا وأعراضه ومضاعفاته يمكنك قراءة هذا المقال.
هل كورونا دلتا أكثر خطورة؟
وهو السؤال الأجدر بالإجابة الأن، ذلك بسبب استمرار جهلنا بالعديد من الأمور المتعلقة به حتى الآن.
بينما لايزال المتحور دلتا لفيروس كورونا تحت الدراسة، هناك بعض المؤشرات التي قد تعطينا دلالات عن مدى تأثير المتحور على صحة الإنسان.
حتى هذه اللحظة لا يوجد دليلًا على تسبب المتحور دلتا بأعراض مختلفة أو أن تكون أعراضه أكثر فتكًا وأكثر قوة من ذي قبل، هذا ما صرح به العديد من المسؤولين في بريطانيا.
من الناحية الأخرى، هناك بعض الدراسات التي أثبتت أن المتحور الأن لديه القدرة على إصابة الشباب والأطفال أكثر مما سبق، وهو الأمر الذي قد يعطي مؤشرًا لمدى خطورته حيث كان من ذي قبل الفيروس أقل تأثيرًا وإصابة للشباب والأطفال بشكل عام، وكان التهديد الأكبر لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، الأن أصبح التهديد موجه للجميع.
على الرغم من عدم اختلاف الأعراض لمتحور دلتا عن أعراض فيروس كورونا الأساسية، إلا أن هناك دراسات تشير إلى أن المتحور دلتا لديه القدرة على الانتشار والتكاثر داخل الجهاز التنفسي بشكل أكبر من ذي قبل، وهو ما قد يسبب سرعة ظهور الأعراض مقارنة بـ المتحورات الآخرى.
لقاح فيروس كورونا في مواجهة المتحوركورونا دلتا
تتوفر الأن العديد من اللقاحات لمواجهة فيروس كورونا، وهو ما يعتبر إنجاز تاريخي لإنتاج لقاح خلال أقل من عام. أثبتت اللقاحات المنتجة كفاءة واضحة في التصدي للإصابة، وكان الأمر بنسب متباينة بين اللقاحات المختلفة، ولكن يمكننا القول إن الحصول على لقاح فيروس كورونا أيًا كان نوعه سوف يسبب الحماية اللازمة.
صممت اللقاحات المختلفة على التصدي لفيروس كورونا بمتحوراته السابقة، بمعنى أخر، قد لا يكون فعالًا بنسبة كبيرة فيما يخص التصدي لمتحور دلتا، فهل الأمر كذلك؟
يظن العديد من الخبراء والأطباء بأنه من المبكر أن نصدر حكمًا واضحًا بهذا الشأن، ولكن قد يكون لدينا بعض المعطيات التي قد توضح لنا الأمر.
هناك فرصة لأن يصاب أحدهم بالمتحور دلتا رغم تلقيه جرعتين من لقاح فيروس كورونا، ولكن فرصة بأن تكون الأعراض قوية واحتياج هذا الشخص لرعاية المستشفى قليلة جدا قد تكون معدومة.
أما من لم يحصل على اللقاح، فهو معرض للإصابة بشكل مباشر وفرصة احتياجه للرعاية في المستشفى تكون كبيرة، كما توفر حكيمة خدمات رعاية كورونا والعزل المنزلي كما توفر الأجهزة اللزمة لرعاية الحالة
كما أشارت العديد من الدراسات إلى أن الحصول على جرعتين من لقاح فايزر أو لقاح أسترازينيكا قد يحموا من الإصابة بأعراض شديدة بفاعلية تصل إلى 90%. بينما الحصول على جرعة واحدة قد لا يكون كافيا أو بنفس الفاعلية.
من جانب أخر، أعلنت بعض الدول اتجاهها إلى فرض جرعة ثالثة معززة، ظننًا أنها قد تكون أكثر فاعلية في مواجهة المتحور دلتا الجديد لفيروس كورونا.
بينما تعمل بعض المؤسسات والشركات الأخرى على إنتاج لقاح جديد خصيصًا لمواجهة هذا المتحور.
إذا أردت أن تعرف أكثر عن اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا، يمكنك قراءة هذا المقال.
ما يهمك أن تعرفه عن كورونا دلتا
هذا المتحور أصبح المتسبب بنسبة كبيرة من الإصابات حول العالم قد تصل إلى أكثر من 90%، وهو يستمر بالانتشار ما لم نلتزم بالإجراءات الوقائية والسعي إلى الحصول على اللقاح في أقرب فرصة.
الحصول على اللقاح يضمن بشكل كبير عدم التعرض للأعراض الشديدة وعدم الحاجة إلى الرعاية الصحية في المستشفى. وقد يكون الحل الأمثل هو الحصول على وقت كافيٍ من العزل المنزلي، فقط لا أكثر.
إذا أردت أن تعرف كيفية إقامة عزل منزلي بشكل محكم يمكنك قراءة هذا المقال.
عدم الحصول على اللقاح قد يشكل تهديدًا على المجتمع ككل، حيث تؤدي الإصابات إلى ظهور متحورات أخرى قد تكون أكثر خطورة، بالطبع لا نريد أن نحصل على متحور أخر.
أخيرًا، يعتبر اللقاح هو طوق النجاة الوحيد الأن، وهو ما قد يصل بنا إلى بر الأمان وانتهاء هذه الجائحة واستعادة الحياة الطبيعية.
المتحور دلتا قد يكون سببًا في زيادة عدد الإصابات، لذلك يجب الالتزام دائمًا بالتباعد الاجتماعي والإجراءات الوقائية بشكل أكبر إلى أن نعبر من هذه الجائحة بسلام.